جدة - خالد سامي-
وجه الكاتي يصحيفة الحياة الأستاذ عبدالله الربيعان انتقادا لمعالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر وذلك عطفاً على تصريحه الذي ذكر فيه أن من المتوقع أن يستمر التراجع في أسعار الإيجارات في السعودية في ظل زيادة المعروض من الوحدات السكنية. وقال أن الإيجارات قد تنخفض بسبب رد الفعل القوي من جانب قطاع الإنشاء لمواجهة نقص الوحدات. وتراجع معدل التضخم السنوي بالسعودية إلى 4.2% في يوليو من رقم قياسي بلغ 11.1% في الشهر نفسه قبل عام ويرجع ذلك في الأساس إلى تباطؤ نمو أسعار الإيجارات السكنية والمواد الغذائية.
وجاء النقد لكون الواقع جاء مخالفا لتصريحات معالي المحافظ، وتساءل الربيعان هل المحافظ يعلم شيئاً يدرس ويدبر من الجهات الحكومية المسؤولة عن الإسكان ستؤدي الى خفض الإيجارات، وثانيهما وهو ما لا اعتقده ولا أؤيده وهو أن «الكلام ما عليه جمرك» كما يقول العامة، وما ذكره المحافظ هو مجرد أمنيات يسري عليها ما يقوله المثل العامي
«ساما» و«الفرنسي»... من نصدق؟
عبدالله بن ربيعان
يذكر الجميع تصريح محافظ مؤسسة النقد (ساما) الدكتور محمد الجاسر، الذي قال فيه إن التضخم سينخفض بسبب انخفاض كلفة الإيجارات إلى مستوى أقلق المستثمرين أنفسهم، وهو التصريح الذي أعقب نشر تقرير «ساما» للعام الماضي. كما أنه التصريح الذي تطايرت به المنتديات وفرح به الكثيرون، لأن توقع أو إيماءة أو كلام المحافظ حتى وإن كان بصيغة غير مباشرة يعني شيئاً كثيراً للسوق السعودية، فالرجل في منصب حساس ومهم، وكل معلومة أو تصريح يصدر عنه سيكون بالتأكيد بناءً على معلومة ودراسة وخبرة واستشارة، وليس مجرد كلام على عواهنه.
بل إن هناك من حمل كلام المحافظ على أنه بشارة بقرب تدخل حكومي لضبط سوق العقار المنفلتة، وإرجاع أسعاره القهقرى، وإعادتها إلى مستوياتها الحقيقية التي يستطيعها المواطن.
للأسف ضوء: هذا الشهر صدر تقريران عن سوق العقار في المملكة ينسفان ما أكده المحافظ عن انخفاض أسعار الإيجارات، ويثبتان عكس ما قاله. الأول صدر عن «ساما» ونشرته صحيفة «اليوم» الأربعاء الماضي، ويقول الخبر: «أظهر تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أن الرقم القياسي لأسعار المستهلكين (التضخم) سجل ارتفاعاً سنوياً بلغت نسبته 6 في المئة بنهاية الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالربع الثالث من 2009».
ويضيف: «وعزا التقرير ارتفاع معدل تكاليف المعيشة في الفترة نفسها مقارنة بالربع الثالث من العام السابق إلى ارتفاع مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه بنسبة 8.9 في المئة، ومجموعة السلع والخدمات بنسبة 8.5 في المئة، ومجموعة الأطعمة والمشروبات بنسبة 7.5 في المئة، ومجموعة التأثيث المنزلي بنسبة 4.1 المئة، ومجموعة النقل والاتصالات بنسبة 1.9 في المئة، وارتفعت مجموعة الرعاية الطبية ومجموعة التعليم والترويح بنسبة 0.8 في المئة، أما مجموعة الأقمشة والملابس والأحذية فسجلت انخفاضاً بلغ 0.7 في المئة».
ويلاحظ من تقرير «ساما» التي يترأسها الجاسر، أن الانخفاض حصل في مجموعة الأقمشة والملابس والأحذية، وليس في مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه، بل إنها زادت بنسبة 8.9 في المئة، وأجزم بأن الزيادة في الترميم والإيجار فقط، لأن الوقود والمياه مسعران بسعر ثابت لم يتغيّر خلال السنوات الثلاث الأخيرة. أما التقرير الآخر، فهو التقرير الذي صدر عن البنك الفرنسي ونشرته «الرياض» قبل 17 يوماً، وفيه ما يخالف تصريحات المحافظ جملة وتفصيلاً، وهو التقرير الذي أعده المدير العام كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي جون أسفيكياناكيس، والمدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك تركي الحقيل، بالتعاون مع 37 شركة عقارية في المملكة.
وأشار التقرير إلى ارتفاع أسعار الإيجارات للشقق الكبيرة في الرياض بمعدل 9.1 في المئة مقارنة بالنصف من هذا العام، وارتفع الإيجار في شرق الرياض 15 في المئة، وكذلك في جنوب جدة بنسبة 11 في المئة، وفي وسطها كان الارتفاع 2.4 في المئة، وفي المنطقة الشرقية تراوحت الارتفاعات بين 3.1 و 1.8 في المئة للدمام والظهران على التوالي. وارتفعت إيجارات الفلل في الرياض 13.8 في المئة، وفي الشرقية بمعدل 12.2 في المئة، وفي جدة وصلت الارتفاعات في إيجارات الفلل في المتوسط 3.3 في المئة. ولم يشر التقرير إلى أي انخفاض يذكر في نسبة الإيجارات، خصوصاً انخفاض طفيف في منطقة جنوب الرياض بنسبة 0.6 في المئة، ولا اعتقد أن المحافظ يقصد بتصريحه جنوب الرياض فقط، فهو أمر مستبعد.
واختم بأن هناك تضارباً بين تصريح المحافظ، وتقرير الجهة التي يترأسها، كما أن تصريحه ينفيه جملة وتفصيلاً تقرير البنك الفرنسي، وهو ما يعني أحد أمرين، أولهما أن المحافظ يعلم شيئاً يدرس ويدبر من الجهات الحكومية المسؤولة عن الإسكان ستؤدي الى خفض الإيجارات، وثانيهما وهو ما لا اعتقده ولا أؤيده وهو أن «الكلام ما عليه جمرك» كما يقول العامة، وما ذكره المحافظ هو مجرد أمنيات يسري عليها ما يقوله المثل العامي.
* اقتصادي سعودي - بريطانيا